كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **


543 - ‏(‏إذا جاء أحدكم يوم الجمعة‏)‏ يعني دخل المحل الذي تقام فيه الجمعة وهو بضم الميم وفتحها وسكونها فالأولان لكونها جامعة والثالثة لجمعهم فيها فإن فعله بالتحريك للفاعل كهمزة وفعله للمفعول ذكره الزركشي ‏(‏والإمام يخطب‏)‏ خطبتها جملة حالية ‏(‏فليصل‏)‏ ندباً قبل أن يقعد ‏(‏ركعتين‏)‏ فقط تحية المسجد فيكره الجلوس قبلها عند الشافعي ويحتاج من ذهب إلى كراهة التحية لداخله كأبي حنيفة ومالك إلى جواب شاف عن هذا الحديث وأجاب بعض الحنفية بأجوبة سبعة أطيل في ردها بما يشفي الغليل ويوضح السبيل ‏(‏وليتجوز‏)‏ أي يخفف فيهما بأن يقتصر على الواجب وجوباً فإن زاد على أقل مجزئ بطلت عند جمع شافعية‏.‏

- ‏(‏حم ق د ن ه عن جابر‏)‏ ظاهره أن الكل أخرجوا الكل والأمر بخلافه بل اللفظ لمسلم والبخاري روى معناه وليس في حديثه وليتجوز فيهما فإطلاق العزو غير صواب‏.‏

544 - ‏(‏إذا جاء أحدكم‏)‏ زاد في رواية أبي أسامة إلى القوم إلى محل به جماعة يريد الجلوس معهم ‏(‏فأوسع له أخوه‏)‏ أي تفسح له أخوه في الدين محلاً يجلس فيه فإنما هي أي الوسعة أو التوسعة أو الفعلة أو الخصلة ‏(‏كرامة أكرمه الله بها‏)‏ بواسطة أخيه حيث ألهمه ذلك ولو شاء لألهمه ضد ذلك إذ الفاعل حقيقة إنما هو الله تعالى والخلق ستائر على العقول فينبغي قبول تلك الكرامات مع شهود أنها من فضله تعالى ولا يأبى الكرامة إلا لئيم، وبما تقرر علم أنه لا تعارض بين قوله هنا أكرمه الله بها وقوله في حديث الحجرات وإكرام القادم المسلم والاهتمام بشأنه وعدم التغافل عنه لأن التهاون به يفضي إلى الحقد والضغائن وكسر الخواطر وتغير البواطن والظواهر‏.‏ وخرج بما إذا أوسع له ما لو لم يوسع له فينظر إلى موضع أوسع فيجلس فيه كما أفصح به في الحديث الآخر‏.‏ ومن آداب الشريعة إيثار الجلوس في طرف المحافل دون صدورها سلوكاً لطريق التواضع لكن لا يقصد أن يقال متواضعاً بل لشهوده حقارة نفسه حقيقة وليحذر من الكذب في قوله صدر الحلقة وطرفها عندي سواء‏.‏

- ‏(‏تخ هب عن مصعب‏)‏ بضم الميم وسكون المهملة الثانية وبالموحدة ‏(‏ابن شيبة‏)‏ العبدي الحجبي خازن البيت قال الذهبي كابن الأثير مختلف في صحبته، رمز لحسنه وفيه عبد الملك بن عمر أورده الذهبي في الضعفاء وقال قال أحمد مضطرب الحديث وابن معين مختلط لكنه اعتضد فمراده أنه حسن لغيره‏.‏

545 - ‏(‏إذا جاء الموت لطالب العلم‏)‏ الشرعي العامل به وقال الغزالي‏:‏ المراد به في هذا ونحوه علم طريق الآخرة والمراد بطالبه هنا ما يشمل من يطلب نشره ونفع عباد الله فيدخل فيه المعلم والمدرس والمفتي ‏[‏ص 325‏]‏ والمؤلف فليس المراد المتعلم فقط ‏(‏وهو على هذه الحالة‏)‏ أي حالة طلبه له لله خالصاً ‏(‏مات وهو شهيد‏)‏ شهادة أخروية أي في حكم شهيد الآخرة فينال درجة شهيد الآخرة فذلك دليل حسن الخاتمة وفيه ترغيب عظيم في طلب العلم والدوام عليه وإن طعن في السن وأشرف على الهرم ليأتيه الموت على تلك الحالة فيكون من الشهداء‏.‏

- ‏(‏البزار‏)‏ في مسنده ‏(‏عن أبي ذر‏)‏ الغفاري ‏(‏و‏)‏ عن ‏(‏أبي هريرة‏)‏ معاً وضعفه المنذري وقال الهيتمي وغيره فيه هلال بن عبد الرحمن الحنفي متروك وهذا من الأباطيل التي زعم حاتم المغافري أن مالكاً حدثه بها عن ابن شهاب عن أبي سلمة عن أبي هريرة انتهى ولذلك قال المصنف في الأصل وضعفه‏.‏

546 - ‏(‏إذا جاءكم الزائر‏)‏ أي المسلم الذي قصد زيارتكم ‏(‏فأكرموه‏)‏ ندباً مؤكداً ببشر وطلاقة وجه ولين جانب وقضاء حاجة وضيافة بما يليق بحال الزائر والمزور‏.‏

- ‏(‏الخرائطي في‏)‏ كتاب ‏(‏مكارم الأخلاق فر‏)‏ وكذا ابن لال وعنه أورده الديلمي فعزوه إليه أولى ‏(‏عن أنس‏)‏ وفيه بقية ويحيى بن مسلم ضعيفان‏.‏

547- ‏(‏إذا جاءكم‏)‏ أيها الأولياء ‏(‏الأكفاء‏)‏ طالبين نكاح من لكم عليه ولاية من النساء ‏(‏فأنكحوهن‏)‏ بهمزة قطع أي زوجوهن ‏(‏ولا تربصوا‏)‏ بحذف إحدى التاءين تخفيفاً تنتظروا ‏(‏بهن‏)‏ يعني بتزويجهن ‏(‏الحدثان‏)‏ بالتحريك أو بكسر فسكون الليل والنهار أي نوائب الدهر وعوائقه وحوادثه والمراد أنه إذا خطب موليتكم كفؤ فأجيبوه ندباً ولا تمنعوه وتنتظروا بهن نوائب الدهر وعوائقه وحوادثه من موت الولي والمولية أو غيرهما من أقاربهما وربما أدى ذلك لطول التعزيب واختلال الحال فإذا دعت المرأة وليها إلى نكاحها من كفؤ لزمه إجابتها إعفافاً لها فإن امتنع فهو عاضل فيزوجها الحاكم والكفؤ كقفل لغة المماثل وعرفاً التساوي في السلامة من العيوب المثبتة للخيار وفي الحرية والنسب والدين والصلاح والحرفة‏.‏

- ‏(‏فر عن ابن عمر‏)‏ ابن الخطاب ورواه عنه الحاكم ومن طريقه عنه أخرجه الديلمي فعزوه إليه كان أولى وفيه يعلى بن هلال قال الذهبي في الضعفاء يضع الحديث‏.‏

548 - ‏(‏إذا جامع أحدكم أهله‏)‏ أي حليلته قال الراغب‏:‏ وأهل الرجل في الأصل يجمعه وإياهم سكن ثم عبر به عن امرأته ‏(‏فليصدقها‏)‏ بفتح المثناة وسكون المهملة وضم الدال من الصدق في الود والنصح أي فليجامعها بشدة وقوة وحسن فعل جماع ووداد ونصح ندباً ‏(‏فإن سبقها‏)‏ في الإنزال وهي ذات شهوة ‏(‏فلا يعجلها‏)‏ أي فلا يحملها على أن تعجل فلا تقضي شهوتها بل يمهلها حتى تقضي وطرها كما قضى وطره فلا يتنحى عنها حتى يتبين له منها قضاء أربها فإن ذلك من حسن المباشرة والإعفاف والمعاملة بمكارم الأخلاق والألطاف، زاد في رواية كما في الوشاح مع الستر ومص الشفة وتحريك الثديين ويؤخذ من هذا الحديث وما بعده أن الرجل إذا كان سريع الانزال بحيث لا يتمكن معه من إمهال زوجته حتى تنزل أنه يندب له التداوي بما يبطئ الانزال فإنه وسيلة إلى مندوب وللوسائل حكم المقاصد‏.‏

- ‏(‏ع عن أنس‏)‏ وإسناده حسن‏.‏

549 - ‏(‏إذا جامع أحدكم أهله‏)‏ حليلته ‏(‏فليصدقها ثم إذا قضى حاجته‏)‏ منها بأن أنزل ‏(‏قبل أن تقضي‏)‏ هي ‏(‏حاجتها‏)‏ منه ‏(‏فلا يعجلها‏)‏ ندباً أي لا يحثها على مفارقته بل يستمر معها ‏(‏حتى‏)‏ أي إلى أن ‏(‏تقضي حاجتها‏)‏ بأن يتم إنزالها وتسكن غلمتها‏.‏ قال الأزهري‏:‏ القضاء لغة على وجوه مرجعها إلى إنقضاء الشيء وتمامه وكلما أحكم عمله أو أتم أو ختم أو أدى ‏[‏ص 326‏]‏ أو أوجب أو أعلم أو أنفذ فقد قضى

- ‏(‏عب‏)‏ في الجامع ‏(‏ع عن أنس‏)‏ قال الهيتمي فيه راو لم يسم وبقية رجاله ثقات‏.‏

550 - ‏(‏إذا جامع أحدكم امرأته‏)‏ يعني حليلته زوجة كانت أو أمة ‏(‏فلا يتنحى‏)‏ عنها حتى تقضي ‏(‏حاجتها‏)‏ منه ‏(‏كما يحب أن يقضي‏)‏ هو ‏(‏حاجته‏)‏ منها لأنه من العدل والمعاشرة بالمعروف كما تقرر وهذا بمعنى خبر أبي يعلى إذا خالط الرجل أهله فلا ينزو نزو الديك وليثبت على بطنها حتى تصيب منه مثل ما أصاب منها انتهى‏.‏ وفي هذه الأحاديث ونحوها أخذ أنه ينبغي للرجل تعهد حلائله بالجماع ولا يعطلهن واختلف فيمن كف عن جماع زوجته فقال مالك إن كان لغير ضرورة ألزم به أو يفرق بينهما ونحوه عن أحمد والمشهور عند الشافعية عدم وجوبه وقيل يجب مرة وعن بعض السلف في كل أربع ليلة وعن بعضهم في كل طهر مرة‏.‏

- ‏(‏عد عن طلق‏)‏ بفتح فسكون ابن علي وفيه عباد بن كثير وهو الرملي ضعيف أو متروك‏.‏

551 - ‏(‏إذا جامع أحدكم زوجته أو جاريته فلا ينظر‏)‏ بالجزم حال الجماع ‏(‏إلى فرجها‏)‏ ندباً وقيل وجوباً ‏(‏فإن ذلك‏)‏ أي النظر إليه حالتئذ يعني إدامته فيما يظهر ‏(‏يورث العمى‏)‏ للبصيرة أو للبصر للناظر أو الولد ومن ثم لم ينظر إليه المصطفى صلى الله عليه وسلم قط ولا رآه منه أحد من نسائه، وخص حالة الجماع لأنه مظنة النظر، وإذا نهى عنه في تلك الحالة ففي غيرها أولى فيكره النظر إلى الفرج وباطنه أشد كراهة ومحله إذا لم يمنع من التمتع بها وإلا كمعتدة عن شبهة أو أمة مرتدة أو مجوسية ووثنية ومزوجة ومكاتبة ومشتركة فيحرم نظره منهن لما بين السرة والركبة ومثل نظر الرجل إلى فرجها نظرها إلى فرجه بل أولى ويظهر أن الدبر كالقبل ‏(‏بقي‏)‏ بفتح الموحدة والقاف ‏(‏ابن مخلد‏)‏ عن هشام بن خالد عن عقبة بن الوليد عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال المؤلف قال ابن حجر ذكر ابن القطان في كتاب أحكام النظر أن بقي بن مخلد رواه هكذا‏.‏

- ‏(‏عد‏)‏ عن ابن قتيبة عن هشام بن خالد عن عقبة بن الوليد عن ابن جريج عن عطاء ‏(‏عن ابن عباس‏)‏ قال ابن حبان بقية يروي عن الكذابين ويدلسهم وكان له أصحاب يسقطون الضعفاء من حديثه ويسوونه فيشبه أن يكون سمع هذا من بعض الضعفاء عن ابن جريج ثم دلس عنه فهذا موضوع ولهذا حكم ابن الجوزي بوضعه قال المؤلف في مختصر الموضوعات وكذا نقل ابن أبي حاتم في العلل عن أبيه قال وقد قال الحافظ ابن حجر خالف ابن الجوزي ابن الصلاح فقال جيد الإسناد انتهى‏.‏ وإليه أشار بقوله ‏(‏قال‏)‏ مفتي الأقطار الشامية شيخ الإسلام تقي الدين ‏(‏ابن الصلاح‏)‏ الشافعي العلم الفرد أنه ‏(‏جيد الإسناد‏)‏ مخالفاً لابن الجوزي في زعمه وضعه انتهى وفي الميزان عن أبي حاتم أنه موضوع لا أصل له قال وقال ابن حبان هذا موضوع فكأن بقية سمعه من كذاب فأسقطه انتهى‏.‏ ونقل ابن حجر عن أبي حاتم عن أبيه أنه موضوع وأقره عليه‏.‏

552 - ‏(‏إذا جامع أحدكم فلا ينظر إلى الفرج فإنه يورث العمى ولا يكثر الكلام فإنه يورث الخرس‏)‏ في المتكلم والولد على ما تقرر فيما قبله وتخصيصه في هذا الحديث وما قبله النهي بالنظر يشير إلى أن مسه غير منهي عنه ومن ثم قال بعضهم لا خلاف في حله وعدم كراهته مطلقاً‏.‏

- ‏(‏الأزدي‏)‏ في كتاب الضعفاء في ترجمة إبراهيم الفرياني عن زكريا بن يحيى المقدسي عن إبراهيم بن محمد بن يوسف الفرياتي عن محمد التستري عن مسعر بن كدام عن سعيد المقبري ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ ‏[‏ص 327‏]‏ قال مخرجه الأزدي إبراهيم ساقط ونوزع ‏(‏والخليلي في مشيخته‏)‏ من هذا الوجه عن أبي هريرة ثم قال تفرد به محمد ابن عبد الرحمن التستري وهو شامي يأتي بمناكير ‏(‏فر عن أبي هريرة‏)‏ قال ابن حجر وفي مسنده من لا يقبل قوله لكن له شاهد عند ابن عساكر عن ابن أبي ذؤيب لا تكثروا الكلام عند مجامعة النساء فإنه يكون منه الخرس انتهى‏.‏

553 - ‏(‏إذا جعلت‏)‏ بكسر التاء خطابا لعائشة ‏(‏إصبعيك ‏[‏يصح الفتح والكسر والضم في همزة ‏"‏أصبع‏"‏، ومع كل حركة تثلث الباء ‏(‏أي يصح فيها كذلك الفتح والكسر والضم‏)‏، فالمجموع تسع صور ‏(‏أو ‏"‏لغات‏"‏‏)‏ والعاشرة ‏"‏أصبوع‏"‏ بالضم، كما في ‏"‏القاموس المحيط‏"‏‏.‏ دار الحديث‏]‏ في أذنيك‏)‏ يعني أنملة أصبعيك فوضع الأنملة في محل الأصبع للمبالغة وإنما أطلق الأصبع مع أن التي يسد بها الأذن أصبع خاصة لأن السبابة فعالة من السب فكان اجتناب ذكرها أولى بآداب الشريعة‏.‏ ألا ترى أنهم قد استقبحوها فكنوا عنها بالمسبحة والسباحة والمهللة والدعاءة ولم يذكر بعض هذه الكنايات لأنها ألفاظ محدثة لم تتعارف في ذلك العهد ذكره الزمخشري ‏(‏سمعت خرير الكوثر‏)‏ أي خرير نهر الكوثر أو تصويته في جريه قال ابن الأثير معناه من أحب أن يسمع خرير الكوثر أي نظيره أو ما يشبهه لا أنه يسمعه بعينه بل شبيه دويه بدوي ما يسمع إذا وضع أصبعيه في أذنيه‏.‏ والكوثر نهر خاص بالمصطفى تتشعب منه جميع أنهار الجنة‏.‏

- ‏(‏قط عن عائشة‏)‏ رمز لضعفه ومن حكى أنه رمز لصحته أو حسنه فقد وهم وبين السخاوي وغيره أن فيه وقفاً وانقطاعاً لكن يعضده ما رواه الدارقطني أيضاً عن عائشة إن الله اعطاني نهراً في الجنة لا يدخل أحد أصبعيه في أذنيه إلا سمع خريره قالت‏:‏ قلت فكيف‏؟‏ قال‏:‏ أدخلي أصبعيك وسدي أذنيك تسمعي منهما خريره‏.‏

554 - ‏(‏إذا جلستم‏)‏ أي أردتم الجلوس لأكل أو غيره والتقييد بالأكل في رواية للغالب ‏(‏فاخلعوا نعالكم‏)‏ أي انزعوها من أرجلكم ‏(‏تسترح‏)‏ أي تستريح وإن فعلتم ذلك تستريح ‏(‏أقدامكم‏)‏ فالأمر إرشادي ومحله الندب حيث لا عذر وخرج بالنعل الخف فلا يطلب نزعه، نعم مثله قبقاب وتاموسة ومداس‏.‏

- ‏(‏البزار‏)‏ في مسنده ‏(‏عن أنس‏)‏ قال الهيتمي فيه موسى بن محمد بن إبراهيم التيمي وهو ضعيف‏.‏

555 - ‏(‏إذا جلست في صلاتك‏)‏ أي في آخرها للتشهد الأخير ‏(‏فلا تتركن الصلاة عليّ‏)‏ بل أئت بها وجوباً وأقلها اللهم صل على محمد أو على رسوله أو النبي ‏(‏فإنها‏)‏ أي الصلاة عليه ‏(‏زكاة الصلاة‏)‏ أي صلاحها من زكى الرجل صلح فتفسد الصلاة بتركها إذ الصلاح ضد الفساد وفيه أنه تجب الصلاة عليه بعد التشهد الأخير وإن لم يكن للصلاة تشهد أول كما في صلاة الصبح والجمعة وبه قال عمر وابنه وابن مسعود وأبو مسعود والشعبي وهو مذهب الشافعي أما التشهد الأول فهي فيه سنة لا واجبة‏.‏

- ‏(‏قط عن بريدة‏)‏ بضم الموحدة وفتح الراء تصغير بردة ابن الخصيب بضم المهملة وفتح الثانية ابن عبد الله بن الحارث الأسلمي صحابي أسلم قبل بدر‏.‏

556 - ‏(‏إذا جمرتم الميت‏)‏ المسلم أي بخرتموه يقال جمر ثوبه تجميراً أبخر والمجمرة بكسر الميم وفي المصباح عن بعضهم أن المجمر بحذف الهاء ما يتبخر به من نحو عود وهي لغة في المجمرة وقال الكمال ابن الهمام وكيفية تجميره أن يدور من بيده المجمرة حول سريره وتراً كما قال ‏(‏فأوتروا‏)‏ أي بخروه وتراً ثلاثاً فإن الله وتر يحب الوتر قال‏:‏ وجميع ما يتبخر به الميت ثلاثاً عند خروج روحه لإزالة الريح الكربه وعند غسله وعند تكفينه ولا يبخر خلفه ولا في القبر لخبر لا تتبعوا الجنازة بصوت ولا نار انتهى‏.‏

- ‏(‏حم ك عن جابر‏)‏ ورواه عنه أحمد أيضاً والبزار بلفظ إذا أجمرتم الميت فاجمروه ثلاثاً، قال الهيتمي رجاله رجال الصحيح‏.‏

‏[‏ص 328‏]‏ 557 - ‏(‏إذا جهل‏)‏ بالبناء للمفعول أي إذا جهل أحدكم ‏(‏على أحدكم‏)‏ أي فعل به فعل الجاهلين من نحو سب وشتم قال في الكشاف‏:‏ المراد بالجهل السفه وقلة الأدب وسوء الدعة من قوله‏:‏

ألا لا يجهلن أحد علينا * فنجهل فوق جهل الجاهلينا

‏(‏وهو‏)‏ أي والحال أنه ‏(‏صائم‏)‏ ولو نفلاً ‏(‏فليقل‏)‏ ندباً باللسان والجنان ‏(‏أعوذ بالله منك‏)‏ أي أعتصم به من شرك أيها الشاتم ‏(‏إني صائم‏)‏ تذكيراً له بهذه الحالة ليكف عن جهله ولا يرد عليه بمثل قوله ولا يلزم منه الرياء وجاء في رواية تكريره ثلاثاً قال الراغب‏:‏ والجهل خلو النفس من العلم واعتقاد الشيء بخلاف ما هو عليه وفعل الشيء بخلاف ما حقه أن يفعل، هبه اعتقد فيه اعتقاداً صحيحاً أم باطلاً كترك الصلاة عمداً‏.‏

- ‏(‏ابن السني‏)‏ في عمل يوم وليلة وكذا الطيالسي والديلمي ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ رمز لصحته وأصله في الصحيح‏.‏

558 - ‏(‏إذا حاك‏)‏ بحاء مهملة وكاف مخففة اختلج والحيك أخذ بقول في القلب ‏(‏في نفسك‏)‏ وفي رواية في صدرك أي في قلبك ‏(‏شيء‏)‏ ولم يمازج نوره بل حصل عندك اضطراب وقلق ونفور منه وكراهة ‏(‏فدعه‏)‏ أي اتركه لأن الله فطر عباده على معرفة الحق والسكون إليه وركز في الطباع محبته وخلافه يؤثر في القلب حزازة واضطراباً ويكون خطوره للبال على وجه شاذ وتأويل محتمل ومن ذلك قال زهير الستر دون الفاحشات لا يلقاك دون الخبر من ستر والكلام فيمن شرح الله بنور اليقين صدره وأعلى في المعارف قدره بحيث جعل له ملكه للإدراك القلبي وقوي على التفرقة بين الوارد الرحمني والوسواس الشيطاني ‏{‏وقليل ما هم‏}‏ أما غيره من كل متلطخ بأدناس الذنوب مدنس بأصناف العيوب بحيث غلظ طبعه وضعف إدراكه فلا عبرة بصدره ولا بما يخطر فيه بل هو أجنبي من هذا المقام وإنما يخاطب بذلك من وثق بنور قلبه وصفاء لبه وذلك من جميل عوائد المصطفى صلى الله عليه وسلم مع صحبه فإنه كان يخاطب كلاً منهم على حسب حاله ثم إن قيل‏:‏ يناقضه الخبر الآتي الحلال بين إلخ لاقتضاء المقام أن الشبهة إثم لأنه يتردد في النفس وذلك يقتضي أنه غير آثم قلنا‏:‏ يحمل هذا على ما تردد في الصدر لقوة الشبهة ويكون من باب ترك أصل الحل الظاهر قوي وذلك على ما ضعفت فيه الشبهة فبقي على أصل الحل ووراء ذلك أجوبة لا تكاد تصح فاحذرها‏.‏

- ‏(‏حم حب ك‏)‏ وكذا الضياء ‏(‏عن أبي أمامة‏)‏ قال الحاكم صحيح وأقره الذهبي وقال الهيتمي رجال أحمد رجال الصحيح وزعم ابن معين بأن فيه انقطاعاً عورض بأن ذلك في فرد من أفراد طرقه‏.‏

559 - ‏(‏إذا حج الرجل‏)‏ أو اعتمر، وذكر الرجل غالبي، فالأنثى والخنثى كذلك ‏(‏بمال‏)‏ اكتسبه ‏(‏من غير حل‏)‏ أي من وجه حرام نحو غصب وربا ‏(‏فقال‏)‏ أي فأحرم به قال ‏(‏لبيك اللهم لبيك‏)‏ أي دواماً على طاعتك وإقامة عليها مرة بعد أخرى من ألب بالمكان أقام وسعديك ساعدت طاعتك مساعدة بعد مساعدة ولم يستعمل إلا على لفظ التثنية في معنى التكرير ولا يكون عامله إلا مضمراً والتلبية من لبيك بمنزلة التهليل من لا إله إلا الله ذكره الزمخشري ‏(‏قال الله‏)‏ رادّاً عليه مقاله ليسمع ذلك من أسمعه الله وأطلعه على أسرار غيبه في الملأ الأعلى ‏(‏لا لبيك‏)‏ أي لا إجابة لك ‏(‏ولا سعديك، هذا‏)‏ أي نسكك الذي أنت فاعله ‏(‏مردود عليك‏)‏ أي غير مقبول منك فلا ثواب لك وإن حكم فيه بالصحة ظاهراً بل أنت مستحق للعذاب عليه لما اجترحت من إنفاق الحرام والطيب لا يقبل إلا الطيب وقابل القول بالقول إشارة إلى أن المعصية تكون سرية وجهرية والتوبة منها تكون كذلك كما في خبر يأتي فالسرية فعل القلب والجهرية فعل الجوارح ويظهر أنه لو حج عن غيره بمال حرام يقال للأصل حج أجيرك عنك مردود عليك‏.‏

- ‏(‏عد فر عن عمر‏)‏ بن الخطاب قال ابن الجوزي حديث لا يصح وفيه وجيز بن ثابت قال ابن مهدي لا يعتد به وقال يحيى ليس بشيء والنسائي غير ثقة‏.‏

‏[‏ص 329‏]‏ 560 - ‏(‏إذا حج الرجل عن والديه‏)‏ أي أصليه المسلمين وان عليا ‏(‏تقبل‏)‏ الله ‏(‏منه ومنهما‏)‏ أي أثابه وأثابهما عليه فيكتب له ثواب حجته مستقلة ويكتب لهما مثله ‏(‏وابتشر‏)‏ بسكون الموحدة فمثناة فوق مفتوحة ‏(‏به‏)‏ أي فرح به ‏(‏أرواحهما‏)‏ الكائنة ‏(‏في السماء‏)‏ فإن أرواح المؤمنين أي كثير منهم فيها يقال بشرت به وسررت به وبشر ويبشر بشراً وابتشاراً فرح والكلام في الميتين بدليل ذكر الرواح فإن كانا حيين معضوبين جاز له أيضاً كما هو مقرر في الفروع وفيه جواز الحج عن الأبوين‏.‏ قال المحب الطبري لكن لا أعلم من قال بظاهره من إجزاء الحج عنهما بحج واحد فيحمل على من حج عن أبويه حجتين عن كل واحد حجة فيجزئ عنهما فرضاً وعنه ثواباً وعليه يحمل القبول أي لم يسقط ثوابه بل يكتب له أجر حجة وسقط عنهما فرضهما ونظيره خبر، إذا أطعمت المرأة من بيت زوجها غير مفسدة كان لها أجرها بما أنفقت ولزوجها بما كسب، وقال ابن العربي‏:‏ هذا الحديث ونحوه مما فيه حج الولد عن أبيه أصل متفق عليه خارج عن القاعدة الممهدة في الشريعة أنه ليس للإنسان إلا ما سعى رفقاً من الله تعالى في استدراك ما فرط للمرء بولده ونقل جمع أنه واجب للآباء على الأبناء وجملة الأمر وتفصيله أن الشافعي يقول إن المعضوب الموسر يلزمه أن يحج عنه وليس في هذا الحديث دليل عليه وإنما فيه الحث على بر الوالدين وصلة القرابة بإهداء الحسنات أما توجه الفرض على ذمّته أو ماله فلا انتهى‏.‏

- ‏(‏قط‏)‏ من حديث عطاء بن أبي رباح ‏(‏عن زيد‏)‏ بن أرقم الأنصاري وفيه خالد الأحمر قال مخرجه الدارقطني ثقة وقال ابن معين ليس بشيء وأبو سعيد البقال قال النسائي إنه غير ثقة والفلاس متروك وأبو زرعة صدوق مدلس‏.‏

561 - ‏(‏إذا حدّث الرجل‏)‏ أي الإنسان فذكر الرجل غالبي ‏(‏الحديث‏)‏ وفي رواية أخاً له بحديث وفي أخرى إذا حدث رجل رجلاً بحديث ‏(‏ثم التفت‏)‏ أي غاب عن المجلس أو التفت يميناً وشمالاً فظهر من حاله بالقرائن أن قصده أن لا يطلع على حديثه غير الذي حدثه به ‏(‏فهي‏)‏ أي الكلمة التي حدثه بها ‏(‏أمانة‏)‏ عند المحدث أودعه إياها فإن حدث بها غيره فقد خالف أمر الله حيث أدّى الأمانة إلى غير أهلها فيكون من الظالمين فيجب عليه كتمها إذ إلتفاته بمنزلة استكتامه بالنطق قالوا وهذا من جوامع الكلم لما في هذا اللفظ الوجيز من الحمل على آداب العشرة وحسن الصحبة وكتم السر وحفظ الود والتحذير من النميمة بين الإخوان المؤدية للشنآن ما لا يخفى قال في الإحياء‏:‏ وإفشاء السر خيانة وهو حرام إذا كان فيه إضرار وقال الماوردي‏:‏ إظهار الرجل سر غيره أقبح من إظهار سر نفسه لأنه يبوء بإحدى وصمتين الخيانة إن كان مؤتمناً والنميمة إن كان مستخبراً فأما الضرر فيما استويا فيه أو تفاضلا فكلاهما مذموم وهو فيهما ملوم وقال الراغب‏:‏ السر ضربان أحدهما ما يلقى الإنسان من حديث يستكتم وذلك إما لفظاً كقولك لغيرك اكتم ما أقول لك وإما حالاً وهو أن يتحرى القائل حال انفراده فيما يورده أو خفض صوته أو يخفيه عن مجالسه وهو المراد في هذا الحديث‏.‏

- ‏(‏حم د‏)‏ في الأدب ‏(‏ت‏)‏ في البر وحسنه ‏(‏والضياء‏)‏ وصححه ‏(‏عن جابر‏)‏ بن عبد الله قال المنذري عقب عزوه وفيه عبد الرحمن بن عطاء المدني ولا يمنع تحسين الإسناد ‏(‏ع‏)‏ عن أنس قال الهيتمي وفيه جبارة ابن المفلس ضعيف وبقية رجاله ثقات‏.‏

562 - ‏(‏إذا حرم‏)‏ بالبناء للمفعول ‏(‏أحدكم‏)‏ أي منع الزوجة والولد فلم يرزقهما ‏(‏فعليه بالجهاد‏)‏ أي فيلزمه الجهاد ‏[‏ص 330‏]‏ في سبيل الله لانقطاع عذره بخفة ظهره فإن ذا الولد يخشى أن ييتم ولده وذا الزوجة أن يرمل زوجته فالقصد أن الفرض يكون في حقه لانقطاع عذره بالكلية‏.‏

- ‏(‏طب عن محمد بن حاطب‏)‏ ابن الحارث القرشي الجمحي ولد بأرض الحبشة وهو أول من سمى في الإسلام محمداً وشهد المشاهد كلها ومات بمكة أو الكوفة‏.‏ قال الهيتمي‏:‏ فيه موسى بن محمد بن حاطب لم أعرفه وبقية رجاله ثقات‏.‏

563 - ‏(‏إذا حسدتم‏)‏ أي تمنيتم زوال نعمة الله على من أنعم عليه ‏(‏فلا تبغوا‏)‏ أي لا تعتدوا وتفعلوا بمقتضى التمني فمن خطر له ذلك فليبادر إلى استكراهه كما يكره ما طبع عليه من حب المنهيات، نعم إن كانت النعمة لكافر أو فاسق يستعين بها على المحرمات فلا ‏(‏وإذا ظننتم‏)‏ سوءاً بمن ليس محلاً لسوء الظن به ‏(‏فلا تحققوا‏)‏ ذلك باتباع موارده وتعملوا بمقتضاه ‏{‏يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم‏}‏ ومن أساء الظن بمن ليس محلاً لسوء الظن به دلّ على عدم استقامته في نفسه كما قيل‏:‏

إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه * وصدق ما يعتاده من توهم

والظن أكذب الحديث أما من هو محل لسوء الظن به فيعامل بمقتضى حاله كما يدل له الخبر الآتي‏:‏ ‏"‏الحزم سوء الظن‏"‏ وخبر ‏"‏من حسن ظنه بالناس طالت ندامته‏"‏ ‏(‏وإذا تطيرتم‏)‏ تشاءمتم بشيء ‏(‏فامضوا‏)‏ لقصدكم ولا يلتفت خاطركم لذلك تتشاءموا بما هنالك ‏(‏وعلى الله‏)‏ لا على غيره ‏(‏فتوكلوا‏)‏ فوضوا إليه الأمر وسلموا له إنه يحب المتوكلين، وقدم الإعلام بدواء الحسد على ما بعده اهتماماً لشدة البلاء به لأن الإنسان غيور حسود بالطبع فإذا نظر إلى ما أنعم الله به على غيره حملته الغيرة والحسد على الكفران والعدوان‏.‏

قد تضمن الحديث أن الخصال الرذائل مركوزة في جبلة الإنسان إما بالعقل أو بالشرع قال المتنبي‏:‏

والظلم من شيم النفوس فإن تجد * ذا عفة فلعلة لا يظلم

- ‏(‏عد عن أبي هريرة‏)‏ قال عبد الحق إسناده غير قوي وقال ابن القطان فيه عبد الرحمن بن سعيد مدني ضعفه ابن معين وعبد الله المقبري متروك‏.‏

564 - ‏(‏إذا حضرتم موتاكم‏)‏ عند خروج أرواحهم ‏(‏فأغمضوا البصر‏)‏ أي أطبقوا الجفن الأعلى على الأسفل بعد تيقن خروج روحه كما قال القرطبي عن الداودي قال محمد بن المقري سمعت أبا ميسرة وكان رجلاً عابداً يقول غمضت جعفراً المعلم وكان رجلاً عابداً حال الموت فرأيته في النوم فقال أعظم ما كان عليّ تغميضك لي قبل أن أموت ‏(‏فإن البصر يتبع الروح‏)‏ هذا علة الأمر بالإغماض يعني أن ذهاب الباصرة في ذهاب الروح فهي تابعة لها فإذا ذهبت الروح ذهبت الباصرة فلم يبق لانفتاح البصر فائدة فلهذا ينبغي تغميضه كذا قرره الهروي تبعاً للبيضاوي وجرى على نحوه في المطامح حيث قال‏:‏ المراد بذلك أن الإدراك البصري المودع في جوهر العين يفارق البدن بفراق الروح فهو تابع لها بقاءاً وذهاباً فإن بقيت بقي وإن ذهبت ذهب انتهى ومشى على نحوه الأكمل وبه يعرف أن المؤلف من الغافلين حيث ذكر أنه أقام ثلاثين سنة يستشكل ذلك بأن البصر إنما يبصر ما دام الروح بالبدن فإن فارقه تعطل الإبصار ثم أجاب بأن المراد شرع في قبضه ولم ينته انتهى وما ذلك إلا لأنه ظن أن المراد أن البصر يتبع الروح حساً وما درى أنه تابع له في الحكم بقاءاً وذهاباً كما تقرر ‏(‏وقولوا‏)‏ حال التغميض وبعده ‏(‏خيراً‏)‏ أي قولوا خيراً‏:‏ من الدعاء للميت بنحو مغفرة وللمصاب بجبر المصيبة ولا يحملكم الجزع على الدعاء على أنفسكم وهذا كما قال القرطبي أمر ‏[‏ص 331‏]‏ ندب أو إرشاد وتعليم لما ينبغي أن يقال عند المصيبة ‏(‏فإن الملائكة‏)‏ الموكلين بقبض روحه أو من حضر منهم أو أعم ‏(‏تؤمن على ما يقول أهل البيت‏)‏ أي بيت الميت وفي نسخ أهل الميت أي تقول آمين يعني استجب يا ربنا فلا تقولوا شراً فتؤمن الملائكة فيستجاب ففيه إشارة إلى النهي عن نحو‏:‏ واكهفاه واجسراه لا عشت بعده ونحو ذلك‏.‏ والروح عند أكثر أهل السنة جسم لطيف مغاير للأجسام ماهية وصفة متصرف في البدن حال فيه حلول الدهن في الزيتون يعبر عنه بأنا وأنت وإذا فارق البدن مات، وذهب جمع منهم الغزالي والإمام الرازي وفاقاً للحكماء والصوفية إلى أنه مجرد غير حال بالبدن يتعلق به تعلق العاشق بالمعشوق يدبر أمره على وجه لا يعلم تفصيله إلا الله‏.‏

- ‏(‏حم ه ك عن شداد ابن أوس‏)‏ قال ابن حجر فيه فرعة ابن سويد وروى الشطر الثاني من الجماعة جميعاً إلا البخاري عن أم سليم بلفظ إذا حضرتم المريض والميت فقولوا خيراً فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون‏.‏

565 - ‏(‏إذا حكم الحاكم فاجتهد‏)‏ يعني إذا أراد الحكم فاجتهد فحكم فهو من باب القلب على حد ‏{‏وكم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنا‏}‏ قال عياض‏:‏ والاجتهاد بذل الوسع في طلب الحق والصواب في النازلة، وابن الحاجب‏:‏ استفراغ الوسع لتحصيل ظن بحكم شرعي ‏(‏فأصاب‏)‏ أي طابق ما عند الله ‏(‏فله أجران‏)‏ أجر لاجتهاده وأجر لإصابته‏.‏ فإن قيل‏:‏ الإصابة مقارنة للحكم فما معنى الفاء المفيدة للترتيب والتعقيب‏؟‏ فالجواب أن فيه إشارة إلى علو رتبة الإصابة والتعجب من حصولها بالاجتهاد ‏(‏وإذا حكم فاجتهد‏)‏ فيه التأويل المار ‏(‏فأخطأ‏)‏ أي ظن أن الحق في نفس الأمر في جهة فكان خلافه ‏(‏فله أجر واحد‏)‏ ‏[‏وينطبق هذا القول على من له أهلية الاجتهاد من العلماء، كما هو واضح في شرح المناوي لهذا الحديث، ولا يعلم له مخالف‏.‏ دار الحديث‏]‏ على اجتهاده لأن اجتهاده في طلب الحق عبادة وفيه أن المجتهد يلزمه تحديد الاجتهاد لوقوع الحادثة ولا يعتمد على المتقدم فقد يظهر له خلاف ما لم يكن ذاكراً للدليل الأول وأن الحق عند الله واحد لكن وسع الله للأمة وجعل اختلاف المجتهدين رحمة وأن المجتهد يخطئ ويصيب وإلا لما كان لقوله فأخطأ معنى، هذا ما عليه الشافعية وتأوله الحنفية فأبعدوا‏.‏ قال الحراني‏:‏ والحكم قصر المتصرف على بعض ما يتصرف فيه وعن بعض ما يتشوف إليه والإصابة وقوع المسدد على حد ما سدد له من موافق لفرض النفس أو مخالف‏.‏

- ‏(‏حم ق د ن ه عن عمرو بن العاص السهمي، حم ق 4 عن أبي هريرة‏)‏ وفي الباب عندهما‏.‏

566 - ‏(‏إذا حكمتم فاعدلوا‏)‏ إن الله يأمر بالعدل والإحسان ‏(‏وإذا قتلتم‏)‏ قوداً أو حداً أو ما يحل قتله ‏(‏فأحسنوا القتلة‏)‏ بالكسر هيئة القتل بأن تختاروا أسهل الطرق وأسرعها إزهاقاً كأن تراعى المثلية في القاتل في الهيئة والآلة إن أمكن ويجب في القتل بنحو سيف كونه حاداً ‏(‏فإن الله محسن يحب المحسنين‏)‏ أي يرضى عنهم ويجزل مثوبتهم ويرفع درجتهم ويبغض المسيئين، ومن ثم قال علي لما طعنه ابن ملجم أطعموه واسقوه وأحسنوا آثاره فإن عشت فأنا ولي دمي فأعفوا إن شئت وإن شئت استقدت وإن قتلتموه فلا تمثلوا به، رواه البيهقي‏.‏

- ‏(‏طس عن أنس‏)‏ قال الهيتمي رجاله ثقات‏.‏

567 - ‏(‏إذا حلم أحدكم‏)‏ بفتح اللام رأى في منامه رؤيا يقال حلم يحلم من باب قتل ‏(‏حلماً‏)‏ بضمتين ويسكن الثاني تخفيفاً واحتلم رأى في منامه رؤيا وأما حلم بضم اللام فمعناه صفح وعفا، فالحلم والرؤيا مترادفان لكن غلبت في الخير وغلب الحلم في الشر ‏[‏ص 332‏]‏ ومنه ‏{‏أضغاث أحلام‏}‏ وهي الرؤيا التي لا يصح تأويلها لاختلاطها وهي المرادة هنا ‏(‏فلا يحدث الناس بتلعب‏)‏ كذا بخط المؤلف في هذا الكتاب لكنه قال في الكبير بتقلب وهي ملحقة بخطه فيه ‏(‏الشيطان‏)‏ به كذا هي في رواية ابن ماجه وألحقها المؤلف بخطه بالهامش ‏(‏في المنام‏)‏ كان الظاهر أن يقول فلا يخبر به أحداً لكن وضع ذلك موضعه إشارة إلى أنها رؤيا من الشيطان يريه إياها ليحزنه فيسيء ظنه بربه تعالى ويقل ذكره فينبغي أن لا يخبر ولا يلتفت إليه وقيل إنما نهى عنه لأنه لو أخبره ربما فسره غير عارف على ظاهر صورته فوقع ما فسر بتقدير الله وقد أرشد الشارع في خبر آخر إلى أن دواء ذلك أن يتفل ويتعوذ ويكتم فلا تضره‏.‏

- ‏(‏م ه عن جابر‏)‏ ابن عبد الله‏.‏

568 - ‏(‏إذا حمّ أحدكم‏)‏ بالضم والتشديد أصابه الحمى وهي كما قال ابن القيم حرارة تشتعل بالقلب وتنتشر منه بتوسط الروح والدم في العروق إلى كل البدن وهي أنواع كثيرة ‏(‏فليسن‏)‏ بسين مهملة مضمومة في خط المؤلف ونقطها من تحت بثلاث نقط لئلا تشتبه بمعجمة أو بشين معجمة وعليه اقتصر في النهاية وادعى الضياء أنه تحريف ‏(‏عليه من الماء البارد‏)‏ أي فليرش عليه منه رشاً متفرقاً، قال في النهاية‏:‏ والشن بالمعجمة الصب المنقطع والسن بالمهملة الصب المتصل وهو يؤيد رواية المعجمة وبما أيد به أيضاً أن أسماء بنت الصديق رضي الله عنها كانت ترش على المحموم قليلاً من الماء بين ثدييه وثوبه وهي لملازمتها للمصطفى صلى الله عليه وسلم داخل بيته أعلم بمراده وقال العسكري بمهملة وقال بمعجمة ‏(‏ثلاث ليال من‏)‏ أي في ‏(‏السحر‏)‏ بفتحتين أي قبيل الصبح فإنه ينفع في فصل الصيف في القطر الحار في الحمى العرضية أو الغب الخالصة الخالية عن الورم والفتق والأعراض الرديئة والمواد الفاسدة فتطفئها بإذن الله تعالى إذا كان الفاعل لذلك من أهل الصدق واليقين فالخبر ورد على سؤال سائل حالة ذلك ولا يطرد في غيره‏.‏

- ‏(‏ن‏)‏ في الطب ‏(‏ع ك والضياء‏)‏ المقدسي وطب والطحاوي وأبو نعيم ‏(‏عن أنس‏)‏ قال الحاكم على شرط مسلم وأقره الذهبي وسكت عليه عبد الحق فاقتضى تصحيحه وقال ابن القطان إسناده لا بأس به وقال في الفتح‏:‏ سنده قوي وقال الهيتمي بعد عزوه للطبراني رجاله ثقات فما نسب للمؤلف من أنه رمز لضعفه لا يعول عليه‏.‏

569 - ‏(‏إذا خاف الله العبد‏)‏ قدم المفعول اهتماماً بالخوف وحثاً عليه ‏(‏أخاف الله منه كل شيء‏)‏ من المخلوقات ‏(‏وإذا لم يخف العبد الله أخافه الله من كل شيء‏)‏ لأن الجزاء من جنس العمل كما تدين تدان فكما شهد الحق بالتعظيم ولم يتعد حدود الحكيم ألبسه الهيبة فهابه الخلق بأسرهم وحكم عكسه عكس حكمه وقال بعض مشايخنا‏:‏ وقد عملت على ذلك فلا أهاب سبعاً ولا سفراً في ليل مظلم وإن وقع مني خوف من جهة الجزء البشري فلا يكاد يظهر، وبت مرة في ضريح مهجور في ليلة مظلمة فصار كبار الثعابين تدور حولي إلى الصباح ولم يتغير مني شعرة لغلبة عسكر اليقين والتوكل‏.‏ قال الطيبي‏:‏ والمراد بالخوف كف جوارحه عن المعصية وتقييدها بالطاعة وإلا فهو حديث نفس وحركة خاطر لا يستحق أن يسمى خوفاً وذلك عند مشاهدة سبب هائل فإذا غاب ذلك السبب عن الحس عاد القلب إلى غفلته ولهذا قال الفضيل‏:‏ إذا قيل لك هل تخاف الله فاسكت فإنك إذا قلت لا كفرت، وإن قلت نعم كذبت، وقال الحكيم‏:‏ المراد بخوف الله خوف عظمته لا عقابه فإذا حل الخوف القلب غشاه بالمحبة فيكون بالخوف معتصماً مما كره دق أو جل وبالمحبة منبسطاً في كل أموره ولو ترك مع الخوف وحده لانقبض وعجز عن معاشه ولو ترك مع المحبة لاشتد وتعدى لاستيلاء الفرح على قلبه فلطف الحق به فجعل الخوف بطانته والمحبة ظهارته ليستقيم حاله ويرقى إلى مقام الهيبة والأنس فالهيبة من جلاله والأنس من جماله ‏(‏تتمة‏)‏ قال بعض العارفين‏:‏ من أحب غير الله عذب به ومن خاف غير الله سلط عليه ومن آخى غير الله خذل منه‏.‏

- ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ قال ابن الجوزي حديث لا يصح وقال أبو زرعة عمرو بن زياد ‏[‏ص 333‏]‏ أي أحد رجاله كذاب وأحاديثه موضوعة وقال ابن عدي يسرق الحديث ويحدث بالبواطيل قال الدارقطني يضع‏.‏

570 - ‏(‏إذا ختم العبد القرآن‏)‏ أي انتهى من قراءته في أي وقت كان من ليل أو نهار‏.‏ قال الزمخشري‏:‏ من المجاز ختم القرآن وكل عمل إذا أتمه وفرغ منه ‏(‏صلى عليه‏)‏ أي استغفر له ‏(‏عند‏)‏ بتثليث العين ‏(‏ختمه‏)‏ قراءته ‏(‏ستون‏)‏ كذا بخط المصنف فما في بعض النسخ من أنه سبعون تحريف ‏(‏ألف ملك‏)‏ يحتمل أن هذا العدد يحضرون عند ختمه ويحتمل أن الذين يحضرون لا يصلون والمصلي منهم ذلك القدر والظاهر أن المراد بالعدد المذكور التكثير لا التحديد على قياس نظائره في السبعين ونحوها وفي إفهامه حث على الإكثار من القراءة ويندب ختمه أول النهار وآخره وهو في الصلاة لمنفرد أفضل وأن يختم ليلة الجمعة أو يومها ويندب حضور الختم والدعاء عقبه والشروع في أخرى ويتأكد صوم يوم ختمه‏.‏ قال الراغب‏:‏ والختم الأثر الحاصل من شيء ويتجوز به تارة في الاستيثاق من الشيء والمنع اعتباراً بما يحصل من المنع بالختم على الكتب والأبواب وتارة في تحصيل أثر عن شيء اعتباراً بالنقش الحاصل وتارة يعتبر من بلوغ الآخر ومنه ختمت القرآن أي انتهيت إلى آخره‏.‏

- ‏(‏فر عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده‏)‏ من طريق عبد الله بن سمعان وفيه شيبان بن فروخ قال الذهبي في ذيل الضعفاء ثقة يرى القدر اضطر إليه الناس آخراً عن يزيد ابن زياد اورده الذهبي في الضعفاء‏.‏

571 - ‏(‏إذا ختم أحدكم‏)‏ القرآن ‏(‏فليقل‏)‏ ندباً عند ختمه ‏(‏اللهم آنس‏)‏ بالمد وكسر النون مخففة بالقصر وشد النون ‏(‏وحشتي‏)‏ خوفي وغربتي ‏(‏في قبري‏)‏ إذا أنا مت وقبرت فإن القرآن يكون مؤنساً له فيه منوراً له ظلمته وخص القبر لأنه أول منزل من منازل الآخرة‏.‏

- ‏(‏فر عن أبي أمامة‏)‏ ورواه عنه الحاكم في تاريخه ومن طريقه أورده الديلمي فكان ينبغي للمصنف عزوه له لكونه الأصل ثم إن فيه ليث بن محمد قال الذهبي في الضعفاء قال بن أبي شيبة متروك وسالم الخياط قال يحيى ليس بشيء‏.‏

572 - ‏(‏إذا خرج أحدكم إلى سفر‏)‏ طويل أو قصير يطيل به الغيبة والخروج في الأصل الانفصال من المحيط إلى الخارج ويلزمه البروز ‏(‏فليودع‏)‏ ندباً مؤكداً ‏(‏إخوانه‏)‏ في الدين ويبدأ بأقاربه وذوي الصلاح ويسألهم الدعاء له ‏(‏فإن الله جاعل له في دعائهم‏)‏ له بالسلامة والظفر بالمراد ‏(‏البركة‏)‏ ويسن لهم الدعاء له بحضرته وفي غيبته بالمأثور وبغيره والمأثور أفضل‏.‏

- ‏(‏ابن عساكر‏)‏ في تاريخه ‏(‏فر عن زيد بن أرقم‏)‏ وفيه نافع بن الحارث قال الذهبي في الضعفاء قال البخاري لا يصح حديثه‏.‏

573 - ‏(‏إذا خرج ثلاثة‏)‏ فأكثر ‏(‏في سفر‏)‏ يحتمل تقييده بغير القصر لعدم الاحتياج فيه لما يجيء ‏(‏فليؤمروا‏)‏ ندباً وقيل وجوباً وفي حاوي الشافعية ما يقتضيه ‏(‏أحدهم‏)‏ أي فليتخذوه أميراً عليم يسمعون له ويطيعونه وعن رأيه يصدرون لأن ذلك أجمع لرأيهم وأدعى لاتفاقهم وأجمع لشملهم فالتأمير سنة مؤكدة لما تقرر من حصول الانتظام به لكن ليس للأمير إقامة حدود ولا تعزير وألحق بعضهم الاثنين بالثلاثة‏.‏

- ‏(‏د‏)‏ في الجهاد ‏(‏والضياء‏)‏ المقدسي ‏(‏عن أبي هريرة وعن أبي سعيد‏)‏ الخدري معاً قال النووي في رياضه بعد عزوه لأبي داود حديث حسن ورواه عنه أيضاً أبو يعلى والبيهقي‏.‏

‏[‏ص 334‏]‏ 574 - ‏(‏إذا خرج أحدكم من الخلاء‏)‏ بالمد أي قضاء الحاجة والخلاء كل محل تقضي فيه الحاجة سمى به لأن المرء يخلو فيه بنفسه ‏(‏فليقل‏)‏ ندباً ‏(‏الحمد لله‏)‏ وفي رواية غفرانك الحمد لله ‏(‏الذي أذهب عني ما يؤذيني‏)‏ وفي رواية أخرج عني ما يؤذيني لو بقى، ولما حمد على دفع الضر ناسب أن يحمد على جلب النفع فقال ‏(‏وأمسك علي‏)‏ وفي رواية أبقي فيّ ‏(‏ما ينفعني‏)‏ مما جذبه الكبد وطبخه ثم دفعه إلى الأعضاء وهذا من أجلّ النعم وأعظمها ولهذا كان علي كرم الله وجهه إذا خرج من الخلاء مسح بطنه بيده وقال يا لها من نعمة لو يعلم العباد نفعها شكروها وقد ورد أشياء أخر يأتي بعضها فقال عند الخروج من الخلاء والسنة تحصل بكل منها لكن الأكمل الجمع‏.‏

- ‏(‏ش قط‏)‏ عن وكيع بن زمعة عن سلمة بن وهرام ‏(‏عن طاوس مرسلاً‏)‏ هو ابن كيسان من أبناء فارس قيل اسمه ذكوان فلقب به قال ابن معين لأنه كان طاوس القراء وكان رأساً في العلم والعمل قال الولي العراقي‏:‏ وهذا الحديث وغيره من أحاديث الذكر المقول عند الخروج من الخلاء لا يخلو عن ضعف ولا يعرف في الباب إلا حديث عائشة الآتي في حرف الكاف‏.‏

575 - ‏(‏إذا خرجت المرأة‏)‏ أي أرادت الخروج ‏(‏إلى المسجد‏)‏ أو غيره بالأولى ‏(‏فلتغتسل‏)‏ ندباً ‏(‏من الطيب‏)‏ إن كانت متطيبة ‏(‏كما تغتسل من لجنابة‏)‏ إن عم الطيب بدنها وإلا فمحله فقط لحصول المقصود وزوال المحذور بالاقتصار عليه ذكره المظهر وهذا بحسب الجليل من النظر وأدق منه قول الطيبي شبه خروجها من بيتها متطيبة مهيجة لشهوة الرجال وفتح باب عيونهم التي هي بمنزلة رائد الزنا بالزنا وحكم عليها بما يحكم على الزاني من الاغتسال من الجنابة مبالغة وتشديداً عليها ويعضد هذا التأويل خبر يأتي وإذا كان هذا حكم تطيبها للذهاب إلى المسجد فما بالك بتطيبها لغيره‏؟‏ وفيه جواز خروج المرأة إلى المسجد لكن بشروط مرت‏.‏

- ‏(‏ن عن أبي هريرة‏)‏ رمز لصحته‏.‏

576 - ‏(‏إذا خرجت من منزلك‏)‏ أي أردت الخروج وفي رواية من بيتك ‏(‏فصل‏)‏ ندباً ‏(‏ركعتين‏)‏ خفيفتين وتحصل بفرض أو نفل ثم ذكر حكمة ذلك وأظهرها في قالب العلة فقال ‏(‏تمنعانك مخرج‏)‏ بفتح الميم والراء ‏(‏السوء‏)‏ بالضم أي ما عساه خارج البيت من السوء ‏(‏وإذا دخلت‏)‏ إلى ‏(‏منزلك فصلّ ركعتين تمنعانك مدخل السوء‏)‏ وعبر بالفاء في الموضعين ليفيد أن السنة الفورية بذلك أي بحيث ينسب الصلاة إلى الدخول عرفاً فتفوت بطول الفصل بلا عذر، واستدل به الغزالي على ندب ركعتين عند الخروج من المنزل وركعتين عند دخوله قال وفي معنى هذا كل أمر يبتدئ به مما له وقع ويحصل فضلهما بصلاة فرض أو نفل نويا أو لا كالتحية‏.‏

- ‏(‏البزار‏)‏ في مسنده ‏(‏هب‏)‏ من رواية بكر بن عمرو عن صفوان بن سليم قال بكر أحسبه عن أم سلمة ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ قال البزار لا نعلمه روي عن أبي هريرة إلا من هذا الوجه قال ابن حجر حديث حسن ولولا شك بكر لكان على شرط الصحيح وقال الهيتمي رجاله موثقون انتهى وبه يعرف استرواح ابن الجوزي في حكمه بوضعه‏.‏

577 - ‏(‏إذا خرجتم من بيوتكم‏)‏ أي مساكنكم بيوتاً أو غيرها ‏(‏بالليل‏)‏ خصه لأنه زمن انتشار الشياطين وأهل الفساد ‏[‏ص 335‏]‏ ‏(‏فأغلقوا‏)‏ ندباً ‏(‏أبوابها‏)‏ أي مع التسمية لأن الشياطين لم يؤذن لهم أن يفتحوا باباً مغلقاً كما في خبر آخر فيسنّ غلق الباب عند الخروج كالدخول ويطلب في النهار أيضاً لكنه في الليل آكد لما ذكر‏.‏

- ‏(‏طب عن وحشي‏)‏ ابن حرب قال‏:‏ خرج النبي صلى الله عليه وسلم لحاجته من الليل فترك باب البيت مفتوحاً ثم رجع فوجد إبليس قائماً في وسط البيت فقال‏:‏ اخسأ يا خبيث من بيتي ثم قال إذا خرجتم إلخ قال الهيتمي رجاله ثقات فاقتصار المؤلف على الرمز لحسنه تقصير‏.‏ ووحشي هو العبد الحبشي مولى جبير بن مطعم أو غيره قاتل حمزة ومسيلمة الكذاب‏.‏

578 - ‏(‏إذا خطب أحدكم‏)‏ أي أراد أن يخطب بدليل قوله في الخبر المار إذا ألقى الله في قلب امرئ ‏(‏المرأة‏)‏ حرة أو أمة ‏(‏فلا جناح‏)‏ أي لا إثم ولا حرج ‏(‏عليه‏)‏ في ‏(‏أن ينظر إليها‏)‏ أي إلى وجهها وكفيها لا إلى غير ذلك لأن ذلك يدل على ما يريده منها فلا حاجة لما عداه وإنما يكون الجناح عنه مرفوعاً ‏(‏إذا كان إنما ينظر إليها لخطبته‏)‏ أي إذا كان محض قصده لذلك بخلاف ما إذا كان قصده برؤيتها لا يتزوجها بل ليعلم هل هي جميلة أم لا مثلاً وجعل الخطبة وسيلة إلى ذلك فعليه الإثم فالمأذون فيه النظر بشرط قصد النكاح إن أعجبته وحينئذ ينظر إليها ‏(‏وإن كانت لا تعلم‏)‏ أي وإن كانت غير عالمة بأنه ينظر إليها كأن يطلع عليها من كوة وهي غافلة أو المراد لا تعلم أنه يريد خطبتها وفيه ردّ على من كره استغفالها كمالك وإبطال لمن اشترط إذنها، وعلم مما تقرر من أن معنى خطب أراد أنه لا يندب النظر بعد الخطبة لأنه قد يعرض فتتأذى هي أو أهلها لكنه مع ذلك سائغ لأن فيه مصلحة أيضاً، فما زعمه بعضهم من حرمته تمسكاً بأن إذن الشرع لم يقع إلا فيما قبل الخطبة ممنوع‏.‏